دمشق ستسقط وسوريا ستتحول إلى “غابة الميليشيات”

+ -

اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور  حلمي الزعبي، رئيس المركز العربي للدراسات والتوثيق المعلوماتي بالجزائر، أن هناك تنسيقا تركيا أمريكيا عربيا لإسقاط نظام بشار الأسد في سوريا، مشددا على أن دمشق على وشك السقوط، لكنه حذر من أن سقوط الأسد سيحول دمشق إلى غابة تتقاتل فيها المليشيات مثل ليبيا، كما سلط الضوء على نشاط الاستخبارات الإسرائيلية في الساحل الإفريقي، مؤكدا على وجود مشروع إسرائيلي لبناء دولة للتوارڤ، مثلما حدث في جنوب السودان وفي طريقه للحدوث في كردستان العراق.الموساد في كيدال للعمل على تشكيل “دولة التوارڤ”ما الذي يدفعك إلى الاعتقاد أن العاصمة السورية دمشق على وشك السقوط؟ بناء على تقديرات شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية التي قدمت تقريرا لمجلس الوزراء المصغر لشؤون الأمن حول وجود تهديد جدي لنظام الأسد في سوريا، كما أن الرئيس التركي أجرى سلسلة من المكالمات مع الرئيس الأمريكي ومع قيادات عربية تنسق معه في المعركة في سوريا، وأبلغهم أن الأسد على وشك السقوط، وأن سقوطه هو احتمال جدي، بعد أن خسر 50 بالمائة من مساحة سوريا لصالح داعش والبقية لحركات المعارضة (المسلحة) منها جيش الفتح بينما يحتفظ النظام بـ23 بالمائة، حيث خسر الجيش السوري مؤخرا جسر الشغور والريحانية وإدلب ومناطق في حلب بالإضافة إلى منطقة تدمر ومناطق الحدود الأردنية السورية (ريف درعا) والجولان والسويداء في جبل العرب، يضاف إلى ذلك أن قائد المنطقة الشمالية الجنرال “أفيف كوخي”، والذي شغل سابقا رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، يتابع التطورات في سوريا وينسق مع عدة أطراف تحيط بسوريا وتلقى الأوامر من قائد الأركان الإسرائيلي “أيزن كوت” ووزير الدفاع “موشي يعلون” بتطوير تعاونه مع بعض الجماعات المسلحة المتواجدة على خط التماس من الجولان، ومنها الجيش السوري الحر وجبهة النصرة ولواء شهداء اليرموك (عناصر منه انضمت إلى داعش وخاصة تلك التي بالقرب من الحدود الأردنية).هل هذا يعني أن تركيا هي من التي تدير عمليات جيش الفتح استعدادا لدخول دمشق؟ التصعيد بدأ فعلا في سوريا، ويتوقع أن تكون هناك هجمات في الأيام القادمة، حيث يحتشد في تركيا تسعة آلاف مقاتل حسب مركز الأسوار للدراسات الأمنية (فلسطيني)، وكذلك حسب تقدير لمسؤول استخبارات أمريكي شغل منصب نائب وكالة الاستخبارات المركزية، إذ إنه من بين تسعة آلاف مقاتل في تركيا هناك ألفان تركي والباقي من جنسيات عربية وقوقازية وأوربية، من بينهم 200 من فرنسا و120 من ألمانيا.من سيحكم سوريا إذا سقط نظام الأسد؟ ستصبح سوريا مثل ليبيا، غابة لميليشيات مختلفة، ولن يسيطر تنظيم بعينه بسبب التنوع الطائفي والعرقي، بالإضافة إلى أن إسرائيل تتوقع، حسب ما ادعاه الجنرال أموس يادلين، أن سوريا ستتحول إلى “صراع سيمتد إلى 10 سنوات”.ما مستقبل حزب اللّه والمقاومة ضد إسرائيل في ظل هذه المعطيات؟ عندما تحدث أمين عام حزب اللّه، حسن نصر اللّه، عن مواجهة خطر وجودي من قِبل الحركات التكفيرية كان حينها يعبّر عن حقيقة شاخصة وليس مجرد استنتاجات، فالخطر الذي يمثله تنظيم الدولة ليس موجها ضد سوريا والعراق بل يهدد الجميع. ولنقل على سبيل المثال الوضع في ليبيا (فليس هناك شيعة ولا احتلال غربي)، ومع ذلك فداعش يقاتل الجميع ويذبح الجميع بمن فيهم من يشتركون معه في الفكر السلفي الجهادي على غرار تنظيم القاعدة، إلى درجة أن حكومة طرابلس طلبت من المجتمع الدولي التدخل لمساعدتها في مواجهة خطر تنظيم الدولة. وفي المملكة السعودية أعلن داعش الحرب على الشيعة، ونفذ عمليتين انتحاريتين في القطيف والدمام، ولكن هذه مقدمة للتموضع داخل السعودية واستهداف الجميع، أي السيطرة على نجد والحجاز، وهو ما أعلنه البغدادي عندما قال إن معركة تحرير شبه الجزيرة العربية بدأت.   ما هي استراتيجية تنظيم الدولة الإرهابي في التمدد في العراق وسوريا وفتح جبهات جديدة في اليمن والسعودية؟ زعيم تنظيم الدولة الإسلامية، أبو بكر البغدادي، اتخذ قرارا بالتصعيد والتمدد ليس في سوريا والعراق وإنما في دول أخرى مثل جنوب اليمن التي فيها حاضنة كبيرة لداعش وخاصة في الكرك ومعان ومأدبة، وهناك ما بين 5 إلى 6 آلاف من الخلايا النائمة تنتمي لما يسمى “لواء شهداء معان” وأعلنت مبايعتها لتنظيم الدولة، وهذه الخلايا ستهدد أيضا السعودية وشمال سيناء، حيث تنتقل إلى غرب وشمال الأردن. والولايات المتحدة الأمريكية لديها مخاوف من أن يفوز تنظيم الدولة بمعركة الرمادي حينها سيسيطر التنظيم على المنطقة ويتقدم باتجاه بغداد، وربما التمدد في جنوب العراق مثل الحلة. هل سترسل إيران جيشها بكل ترسانته الحربية لمنع سقوط دمشق وبغداد، أم أنها ستكتفي بإرسال قوات محدودة العدد وميلشيات تقاتل بالوكالة؟ إيران كما تدّعي مصادر غربية أرسلت تسعة ألوية عسكرية (كل لواء يضم ما بين ألف و1500 مقاتل) إلى العراق لمنع سقوط بغداد وكربلاء، بعد أن هدد البغدادي باجتياح هذه المناطق. وتجري إيران اتصالات مع سوريا في هذا الشأن، حيث زار رئيس البرلمان السوري، الدكتور لحام، طهران طلبا للدعم، خاصة على ضوء معلومات تحدثت عن حشود تركية لاجتياح حلب ومحاصرة اللاذقية، ووجود عناصر من جبة النصرة (2000 عنصر) انخرطوا في جيش الفتح من أجل التمويه على إيديولوجيتهم باعتبارهم يوالون القاعدة حتى لا يثير ذلك امتعاض الغرب. وهناك تقارير أمريكية تتحدث عن استعداد داعش لشن حملات واسعة في العراق وسوريا، وأن إدارة أوباما قد تنسحب من الحلف الذي تقوده في العراق وسوريا لأنها لا تريد التورط في حرب برية بالمنطقة، ولأن الجيش العراقي والحشد الشعبي لن يتمكنا من الانتصار على داعش أو دحره تماما عن منطقة الأنبار ومحافظة نينوى، بعد أن سيطر التنظيم على منافذ الحدود بين سوريا والعراق.هل سيطرة تنظيم الدولة الإرهابي على مدينة سرت الليبية الاستراتيجية سيدفعه لمحاولة التمدد في منطقة المغرب العربي والساحل؟ زعيم “داعش” في آخر خطاب له تحدث بأن تنظيمه فتح عدة جبهات ليس فقط في العراق وسوريا واليمن، وإنما في شمال سيناء وتونس ونيجيريا. وجاء هذا التصريح متزامنا مع تقارير نشرتها مراكز متخصصة في مكافحة الإرهاب مثل مركز “مالم” للأبحاث الاستخباراتية والإرهاب، ومركز مكافحة الإرهاب الذي يديره الجنرال أنتوني كروستمان الذي سبق وأن قاتل في العراق. وبإلقاء نظرة على خارطة العمليات العسكرية التي يشنها التنظيم في ليبيا وتونس، بعد انضمام كتيبة “عقبة بن نافع” (تونس) لداعش، وقد سبقه تنظيم “المرابطون” في الساحل الإفريقي؛ كل هذا الانتشار يعزى إلى تراخي أمريكا ضد الإرهاب في سوريا. وحملة التحالف الجوية بقيادة أمريكا في سوريا والعراق تعرضت لانتقادات حتى داخل الولايات المتحدة من قِبل قيادات عسكرية وصفتها بأنها لعبة عبثية وليست عملية عسكرية تسعى لحسم المعركة ضد العدو داعش. وزعمت بعض التقارير، وخاصة التقرير الأسبوعي الذي تصدره الاستخبارات العسكرية عن الحركات الجهادية، وصول 3500 مقاتل إلى ليبيا من العراق وسوريا عبر تركيا ونزلوا في مطار مصراتة، ومنه توجهوا إلى سرت وانتشروا في الهلال النفطي. وتنظيم داعش لا يريد أن يكون له منافس. وداعش لم يكن موجودا في اليمن ولكنه ظهر خلال الحرب الأخيرة، وانتقلت عناصر من العراق وأعلنت عن وجودها وتموضعها في الصومال، والآن القاعدة وداعش يقاتلان الحوثيين في اليمن، لكن الخبراء والمختصين مثل العقيد أحمد سلطان يؤكدون أن هذا الوئام بين التنظيمين، خاصة في المكلا ومحافظة حضرموت وأبين، سيتحول إلى مواجهة بالسلاح، كما حدث في سوريا بين داعش والنصرة، فداعش لا يقبل بوجود أي منافس في هذه الساحات.في إحدى التقارير التي يصدرها مركزكم تحدثت عن مساع إسرائيلية لخلق دولة للتوارڤ في الساحل، فهل لديكم حقائق موثقة في هذا الشأن؟ موضوع دولة التوارڤ يثار ويطرح بالتزامن مع ما يسمى بالربيع العربي، خاصة في المنطقة المغاربية ودول الساحل، ووجدت المنظومة الأمنية الإسرائيلية في هذه الأحداث وفي إصرار التوارڤ في مالي وخاصة في الجبهة الوطنية لتحرير أزواد المصرة على تحرير الأزواد فرصة لإدارة هذا الملف، كما فعلت مع الأكراد في العراق والجنوبيين في السودان. وشكلت إسرائيل فريقا يرأسه شلومو كوهين، وهو يهودي تونسي أدار مكتب المصالح الإسرائيلية في تونس زمن بن علي، وعمل سفيرا لإسرائيل في القاهرة ثم مسؤول شعبة إفريقيا في الخارجية، وعمل إلى جانب نسيم زويل سفير إسرائيل السابق في فرنسا، والذي أدار منظومة استثمارات إسرائيلية في إفريقيا ومنها غينيا ونيجيريا. وفي الأيام الأخيرة وصلت إحدى عميلات الموساد الإسرائيلي إلى كيدال في شمال مالي، بعدما قامت بعدة مهمات في مصر والأردن وسوريا والعراق، وتدعى ساندرا بيري، ووصلت شمال مالي عبر فرنسا من أجل إجراء دراسة ميدانية تشكل خريطة طريق للمنظومة الاستخباراتية للتحرك في ثلاث دول تحتضن نسبة من التوارڤ وهي مالي والنيجر ودولة ثالثة. وشمال مالي مهيأ للتفاعل مع العرض الإسرائيلي بدعم حركات التوارڤ الساعية للاستقلال والرافضة لأي حل يبقيها خارج الحكم الذاتي أو الاستقلال. وباريس تشكل المركز لإدارة هذا الملف من قِبل الفريق الإسرائيلي الذي يعتبر أي نجاح لمشروع دولة التوارڤ نجاح للإستراتيجية الإسرائيلية، وهو مكمل للمشروع الذي أنجزته في كردستان وجنوب السودان. 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات