"المخابرات وراء اتهامات الإعلام المغربي للجزائر"

38serv

+ -

يرى الصحفي المغربي المعارض، علي لمرابط، أن "المغرب وضع جبهة البوليساريو وإيران في سلة واحدة إرضاء للسعوديين"، إلا أن الرسالة كانت موجهة لواشنطن. فبالنسبة للإدارة الأمريكية، حسبه، عدو عدوي هو عدوي، متسائلا في حوار مع "الخبر"، "لماذا قطع المغرب علاقاته مع إيران ولم يقطعها مع كوبا مثلا التي كوّنت أكاديميتها العسكرية ولا تزال تكوّن مقاتلين صحراويين.وأوضح لمرابط أن اتهامات الإعلام المغربي للجزائر، في حادثة سقوط الطائرة العسكرية الجزائرية، "نتاج تركيب وتدبير مصالح الاستخبارات السرية المغربية، بالتنسيق مع وسائل الإعلام التي تمولها". مبرزا أن "الأنظمة الشمولية الاستبدادية لا يمكن أن تشعر بالارتياح إلا إذا كان لها عدو تبرزه وتظهره، وهو ما يفعله المغرب".ما هي خلفية الاتهامات المغربية لإيران بدعم جبهة البوليساريو عبر حزب الله، وهل لإقرار قطع العلاقات مع طهران علاقة بالتوتر الذي حصل من قبل بين المغرب والسعودية والذي تجلى في حرب كلامية ورفض الرياض دعم ترشح المغرب لاحتضان المونديال وامتعاض سعودي لموقف الرباط من الأزمة الخليجية؟في هذه الحالة، يسعى المغرب لإرضاء السعوديين، لكن رسالته موجهة إلى واشنطن. فوضع جبهة البوليساريو وإيران في سلة واحدة، يعني أن المغرب يريد أن يجعل من الاستقلاليين الصحراويين غير مرغوب فيهم في عيون واشنطن وإثارة غضب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عليهم. وبالنسبة لهذه الإدارة الأمريكية التي يقودها سياسي يتمتع بمنظور بدائي للعالم، فإن صديق عدوي هو بالضرورة عدوي. وهذا يعني، إذا كان العدو الإيراني يدعم جبهة البوليساريو، فإن جبهة البوليساريو هي بالضرورة عدو للأمريكيين. وهذا في نظري هراء كلي، لأن جبهة البوليساريو ليست صديقة للإيرانيين ولا عدوة للأمريكان. وفي الوقت الحالي لا يوجد دليل يورّط إيران وحزب الله في نزاع الصحراء الغربية. من ناحية أخرى، نعرف أن كوبا منخرطة بقوة في هذا الصراع، لذا، لماذا لا يقطع المغرب علاقاته مع هافانا التي كوّنت أكاديميتها العسكرية ولا تزال تكوّن مقاتلين صحراويين. على العكس، في العام الماضي، استأنفنا علاقاتنا الدبلوماسية مع كوبا.كيف تنظرون إلى مشروع القرار الأمريكي الصادر في مجلس الأمن، والذي دعا إلى إعادة بعث مفاوضات ثنائية بين المغرب وجبهة البوليساريو، وما دلالات ذلك، وهل يعكس توجّها ما في السياسة الأمريكية بشأن الوضع في المنطقة؟بدافع من فرنسا والولايات المتحدة، يريد مجلس الأمن إجبار الطرفين المتحاربين، أو الأطراف، كما يقولون، على التفاوض، وإلا فستتحمل بعض الدول مثل الولايات المتحدة، كما أعلنوا ذلك "مسؤولياتهم" في حالة الفشل. بمعنى أنهم سيدعمون حلاً وفقاً لرغبات المغاربة. وربما يتعيّن في هذه الحالة البحث عن خلفية ودوافع قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران الذي قرره القصر الملكي، إنها إشارة من محمد السادس إلى دونالد ترامب وإلى الأمم المتحدة.أثار رد فعل الإعلام المغربي إثر حادث سقوط الطائرة العسكرية الجزائرية ببوفاريك، في البليدة، جدلا كبيرا، خاصة فيما تعلق باتهاماته للجزائر باحتضان عسكريي جبهة البوليساريو، للتحريض على القيام بحرب على المغرب، فما هي الدوافع الحقيقية الموجودة وراء هذه الحملة حسب رأيك؟بداية أودّ أن أقدّم تعازي الخالصة لكافة الأسر والعائلات، من ضحايا سقوط الطائرة العسكرية الجزائرية ببوفاريك في البليدة، أيا كانوا، ويمكن القول إننا في زمن السلم ولسنا إطلاقا في حالة حرب ضد الجزائر، وعليه، فإنه لا يتعيّن على أي كان أن يبتهج بموت إنسان.أما فيما يتعلق بالاتهامات الموجهة من قبل الإعلام المغربي للجزائر، إن أردتم نعتها بـ "اتهامات"، فإنها في اعتقادي نتاج تركيب وتدبير مصالح الاستخبارات السرية المغربية، بالتنسيق مع وسائل الإعلام التي تموّلها، ويندرج ذلك في إطار مسعى إلهاء المغاربة وحملهم على نسيان مشاكلهم اليومية، ويمكن القول أن الأنظمة الشمولية الاستبدادية لا يمكن أن تشعر بالارتياح إلا إذا كان لها عدو تبرزه وتظهره، وفي اعتقادي، لا الجزائر ولا المغرب يرغبان حاليا في نشوب نزاع مسلح على حدودهما.كيف تنظرون إلى الأحداث التي عرفها الريف المغربي وخاصة الحسيمة، وما الذي يدفع الحكومة المركزية إلى اللجوء إلى الاعتقالات والمحاكمات في منطقة تبقى "متمردة" لمعاناتها من التهميش لسنوات؟ لماذا همّشت منطقة الريف التي تبقى ترمز إلى نضال عبد الكريم الخطابي وأحداث 1958 والثمانينيات؟ثورة الريف الأخيرة التي بقيت ويجب التأكيد على ذلك، سلمية، سمحت بأن تظهر لأولئك الذين كانوا يشككون في الوجه الحقيقي للنظام المغربي، فهذا الأخير فشل في تلبية المطالب الشرعية للريفيين الذين يطالبون بإقامة مستشفى الأمراض السرطانية، لأنه لا يجب أن ننسى أن المنطقة كانت قد تعرضت للقصف بغاز الخردل من قبل الإسبان خلال حرب الريف (1921-1927)، وأحرقوا بالنابالام خلال عهد الملك محمد الخامس وابنه وليّ العهد الحسن، بين 1958 و1959، كما طالبوا بتشييد جامعة، ورفع العزلة عن المنطقة وإنهاء العنصرية التي تعاني منها منطقة الريف وأبنائها (حيث تم نعتهم بـ "أبناء الإسبان" لأنهم يتحدثون اللغة الإسبانية)، كما تضمنت مطالبهم توفير العمل لأبنائهم، لكن القصر الملكي، وليس الحكومة كونها هي لا تملك أية سلطة، ولكن دورها صوري، فضل الطرق القسرية. وهذا يعني القمع الوحشي والاختطاف والاعتقالات الجماعية التي طالت حتى الأطفال، والتي انتهت أو ستنتهي بأحكام قاسية جدا، إذ أن هناك شبان حكم عليهم بالسجن لمدة 20 سنة لمجرد التظاهر في الشارع.إلا أن هذا القمع لا يجب أن يثير العجب والاستغراب، فالرباط لطالما مقتت وإلى درجة الكراهية الريف والريفيين، وقد شهدنا ذلك مع السلطان مولاي يوسف، الذي أعلن بالتواطؤ مع المستعمر الفرنسي الحرب على محمد بن عبد الكريم الخطابي.أما الملك محمد الخامس، فقد قام جنوده بالقتل والنهب وحتى اغتصاب النساء والأطفال الريفيين مع نهاية سنوات الخمسينيات من القرن الماضي.ثم جاء الحسن الثاني، الذي ارتكب مجزرة في حق سكان الريف، وكالهم بالكثير من السباب والشتائم، وتذكروا الخطاب الشهير الذي ألقاه على التلفزيون في جانفي 1984، والمتاح على شبكة الأنترنت، أين ينعت الريفيين بـ "الأوباش"، إذن خلاصة القول لا شيء في الأفق.يتم حاليا محاكمة رموز الحراك الريفي من بينها ناصر الزفزافي، الذي أكد تعرضه إلى اعتداءات جنسية، هل تحول هؤلاء إلى رموز نضال في المنطقة؟إذا كان سي ناصر الزفزافي، الوجه المعروف إعلاميا والمعروف أيضا دوليا بالحراك الريفي، قد تعرض، حسب تصريحاته أمام المحكمة التي تحاكمه للاعتداء الجسدي وحتى الجنسي من قبل قوات الأمن، فتخيلوا ما الذي يمكن أن يجري للنشطاء الآخرين المغمورين إعلاميا، أي أنهم غير معروفين إعلاميا مقارنة بسي ناصر الزفزافي، ومرة أخرى الأمر لا يستدعي الغرابة أيضا، فقائد الشرطة المحافظ عبد اللطيف حموشي الذي يترأس المديرية العامة للأمن الوطني ومصالح الاستخبارات المغربية، قد اتهموا بممارسة التعذيب من قبل بطل عالمي سابق في الملاكمة التايلاندية زكريا مومني، الذي ألّف كتابا حول هذه القضية. وعليه فلا شيء جديد بهذا الشأن، إذ أن نظام العاهل المغربي الملك محمد السادس يبقى وفيا للاستمرارية على خطى والده الحسن الثاني، ونحن نعيش سنوات سيادة العنف السياسي، وبذلك فإن قادة الحراك سيواجهون أحكاما قاسية جدا، وهذا الأمر لا يشكل سرا.

طالت الحكومة المغربية انتقادات بشأن وضعية حقوق الإنسان، في وقت كان ينظر لعهد الملك الشاب محمد السادس على أنه مؤشر لثورة جديدة في المجال، مقارنة بعهد سلفه الأب العاهل المغربي الحسن الثاني، فما تقييمكم للوضع الإنساني هناك؟ثورة جديدة؟ قولوا ذلك لأكثر من 500 معتقل سياسي ريفي مكدسين، ويتعرضون للتعنيف في سجون المملكة المغربية، وكل أسبوع نتلقى معلومات بشأن المعاملة التي يلقاها الريفيون في مراكز الاعتقال المغربية، كل هذه القصص حول "الثورة الجديدة" و"الدمقرطة" و"الإصلاحات"، تشكل مساحيق توضع للخارج، أي للغرب، لكن هذا الأخير ليس بالغباء الذي يجعله لا يدرك الواقع، ولكنه مع ذلك يفضل النظر إلى جهة أخرى. يمكن القول إن الملوك يتغيرون، ولكن الأساليب القمعية تبقى.أبقى التيار الإسلامي ممثلا في "العدل والإحسان" على الأغلبية، مع تشكيل حكومة العثماني الذي خلف بن كيران، ما الذي يجعل العدل والإحسان يتصدّر المشهد السياسي في المغرب، وما رؤيتكم للشهادة المقدمة من بنكيران عن العلاقة مع القصر الملكي؟إذا كان التيار الإسلامي ممثلا في حركة "العدل والإحسان" قد تحول اليوم إلى أبرز المعارضين للنظام المغربي، فلأن القصر الملكي قد نجح في أن يجعل من إسلاميي حزب "العدالة والتنمية" ما فعله الملك الحسن الثاني بأهم حزب معارض في ذلك الوقت. ويتعلق الأمر بالاتحاد الاشتراكي لقوى الشعبية، حيث قام بإدماجهم في الحكومة ومنحهم مناصب وزارية وامتيازات ومزايا، ثم قام باحتوائهم، أنظروا إلى الصور الخاصة بأبرز وجوه إسلاميي حزب "العدالة والتنمية" قبل وبعد دخولهم إلى الحكومة، فالبدل الآن على المقاس، كما اختفت الكثير من لحى "الإسلاميين"، دون الإشارة إلى الفضائح الجنسية المثيرة التي مست العديد من أعضاء الحزب، ممن يوصفون بمدافعي الفضيلة الإسلامية، وحينما أراد عبد الإله بن كيران أن يأخذ استقلاله تجاه القصر الملكي وعدم تسهيل تشكيل حكومة، قام الملك بطرده وإبعاده من على رأس الحكومة، ثم ما اعتبر قمة الإذلال والإهانة، إبعاده من الأمانة العامة لحزب "العدالة والتنمية"، بالتواطؤ مع مجموعة من وزراء حزبه، ويظهر جليا أن وزراء حزب "العدالة والتنمية" استلذوا المقاعد الوزارية.يثير غياب الملك محمد السادس تساؤلات في الساحة، فغيابه الطويل عن المغرب وغيابه حتى عن القمة العربية الأخيرة بالظهران أضحى يثير التساؤلات، هل يمكن أن نتجه إلى مرحلة انتقالية يمكن بعدها انتقال الحكم إلى ابن الملك الأمير مولاي حسن أو شقيقه؟لست قادرا على كشف الأسرار، فما يحدث داخل القصر الملكي هو مغلق بإحكام ويصعب فكه. لكن ما هو معروف بالمقابل أن الملك يفضل قضاء المزيد من الوقت في الإجازات والعطل بالخارج بدل العمل داخل مملكته. وبما أن آلته القمعية متمرسة، فإنه يمكن أن يسمح لنفسه بأن يبتعد عن المغرب بل وحتى الاختفاء عن الأنظار، كما نخمن أيضا بأنه مريض، بالنظر إلى الأزمات المتلاحقة التي تصيبه بانتظام، ولكننا نجهل درجة خطورة مرضه، أو بالأحرى أمراضه، أما بالنسبة لشقيقه رشيد وابنه الحسن، فإننا لا أعتقد أنهم مهيئين لأسباب مختلفة لتحمل مسؤولية ترأس النظام في حالة حصول شغور في السلطة.لا تزال قضية الصحراء الغربية تشكل إشكالا كبيرا بالنسبة للمغرب والمنطقة، وتشهد المنطقة تصعيدا قد ترجّح عودة الصدام المسلح، ما الذي يدفع إلى مثل هذا الخيار، بعد أن تم ترسيخ أمر واقع وحالة لا حرب ولا سلم في منطقة عرضة للكثير من التقلبات؟بالنسبة لهذه المسألة، أنا متأكد أنه لا المغرب ولا البوليساريو ولا الجزائر يرغبون في عودة نزاع مسلح في المنطقة، حتى وإن يمكن القول للأسف أن عودة الحرب تجبر منظمة الأمم المتحدة والأعضاء المؤثرين في مجلس الأمن على إيجاد حل نهائي، فالنزاع ذو الحدة والمستوى المنخفض كما هو عليه الآن لا يثير اهتمام أحد، أما النزاع ذو المستوى والحدة العالية، يجبر الجميع على المساهمة في إيجاد حل وتسوية، سواء كان ذلك عادلا أم لا.ما دلالات خروج المغرب من التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن؟أعتقد أن المغرب قدّم مبررا عن تفاقم مزعوم للوضع العسكري في الصحراء الغربية، لسحب طائراته "أف 16" من مسرح عملياته في اليمن، لكنه لن ينسحب من التحالف، وسيواصل لعب دور شكلي في الحرب العدوانية التي تقودها العربية السعودية ضد اليمن، لا أحد في المغرب يفهم لماذا تم توريطنا في هذه المغامرة العسكرية، فنحن على بعد آلاف الكيلومترات عن هذا البلد، اليمن والحوثيون لم يستهدفوننا ولم يضروننا بأي مصلحة من مصالح المغرب في المنطقة، ولكن البدو السعوديون يعطون أوامر والبعض في المغرب ينفّذونها.ما هي أبعاد العلاقة القائمة بين باريس والرباط، وهل تتصل بعلاقات شخصية أكثر منها مؤسساتية؟الجميع اطّلع اليوم على ما أسرّ به سنة 2011 السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة للممثل الاسباني خافيير بردام، حيث وصف المغرب بالخليلة التي لسنا مغرمين بها بالضرورة ولكن يتعيّن حمايتها، ولكن السؤال المطروح لماذا تقوم فرنسا بالدفاع عن المغرب، فنحن لسنا أغنى من الجزائر، كما لا تجمعنا مع فرنسا حدود مشتركة، والتي يمكن من خلالها مساومتها بالهجرة غير الشرعية كما نقوم بذلك مع إسبانيا، صحيح أن الروابط المؤسساتية بين البلدين مهمة ولكنها ليست حيوية، وماذا عن المعارف المغربية والخبرة في مجال محاربة الإرهاب، لقد اتضح أن الأمر لا يعدو أن يكون وهما، كما شهدنا ذلك في قضية عبد الحميد أباوود، في العمليات التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس، إذن لماذا؟ أعتقد شخصيا أن الأمر ينم عن اعتقاد وإيمان شخصي، بأن النظام المغربي يمتلك عددا من الأدلة الدامغة في قضايا الفساد المالي والأخلاقي تمس العديد من الشخصيات الفرنسية البارزة، سواء من اليمين أو اليسار على حد سواء، والذين حظوا بدعم مالي من الرباط أو تم القبض عليهم في مراكش، ولكن باستثناء حالتين أو ثلاثة حالات مدوية، تناولتها الصحافة الفرنسية، ليس لدينا أدلة موثقة بعد.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات