الصحافة الجزائرية... السلطة “الراكعة”

+ -

الصحافة الجزائرية تحتل المرتبة الأولى في الإبداع الإعلامي، هذا الخبر أكيد - أنه إشاعة، ولقد تعلمت نشر الإشاعات من كثرة قراءتي الجرائد الجزائرية، ولكن الخبر المؤكد هو أن أحد الصحفيين في السويد كتب مقالا حول وزيرة اشترت علبة شكولاطة بالبطاقة المغناطيسية المسخرة لمصاريف الوظيفة، ولما قرأت الوزيرة هذا المقال سارعت بتقديم استقالتها على الفور، وفي بلدنا مسؤولون فتحوا مصانع شكولاطة بأموال الشعب ولم يقدم أحدهم حتى علبة شكولاطة مجانية لأبناء وطنه، في المقابل أن الشكولاطة المخدرة متوفرة لجميع الفئات وبكل الأنواع، حتى على صفحات الجرائد وشاشات التلفزيون، ووسائل الإعلام التي تقدم حلوى مدوخة للكبار رغم أن كبر السن لا يتلاءم والسكريات، وللعلم أن السويد محتلة للمرتبة الأولى للدول الأكثر شفافية وكذا الأكثر دولا كفاحا للفساد، بالتوازي مع احتلالها للمرتبة الأولى لأكثر الدول تكريسا لحرية الصحافة، وهنا يمكن استخلاص نتيجة أن علاقة الصحافة بمكافحة الفساد علاقة طردية متوازنة ومتوازية، فالصحفي الذي يمتاز بالرداءة وسوء التكوين وضعف المستوى ما هو إلا وسيلة من وسائل الفساد في حد ذاتها، ووسائل الإعلام التي لا تتعدى مواضيعها وانشغالاتها الذبح، النكح، الدجل، وكرة القدم وبرجك اليوم، ما هي إلا وجه من أوجه ممارسة الفساد، فما يعجبك في جرائدنا مثلا أنها تزيل الضبابية عن أعين المواطن وتوضح له الرؤية، ذلك باستخدامها في مسح الزجاج طبعا، فنحن نناشد وزارة النقل سن قانون يتم من خلاله إجبار سائقي الحافلات على توزيع جرائد على الركاب بدل التذاكر، ذلك للحد من ظاهرة التحرش بالحافلات كون أن هذه الجرائد تمارس نفس المهمة وهي التحرش بعقول الغلابة، كما نطلب من وزارة الصحة شن حملة تحسيسية ضد المخدرات والإدمان ومشاهدة نشرة الثامنة، ونلتمس من وزارة التربية تسخير بعض مدرسي الابتدائي أو محو الأمية لتدريس بعض الصحفيين الذين يجدون عجزا في تكوين الجمل وتوظيف الكلمات، والذين يرتكبون الأخطاء اللغوية والنحوية، وفي الأخير لن نطلب من أي وزارة ولكن سندعو الله أن يفرج هموم وكربات والمطبات التي تعرقل الصحفيين الأحرار الذين يعانون ويلات التعتيم والكبت والتهديد، وأن يبعد عنهم الدخلاء والمتطفلين والطفيليين على المهنة، لأنه لو ينظف القطاع الإعلامي من هؤلاء الطفيليين لأصبحت فعلا سلطة رابعة لا “راكعة” ولانتزعت حريتها واستقلاليتها ولرفعت رأسها ولتمت مكافحة الفساد ولاجتث من عروقه.

بقلم رمزي بيكاسو

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات