38serv

+ -

 رغم تطليقه الحياة الحزبية وتسليم مشعل “الأفافاس” لجيل جديد، إيمانا منه كما قال “بدورة الحياة”، لم ينقص شيء من الرصيد النضالي للزعيم حسين آيت أحمد الذي كان مليئا بالمواقف الجريئة، ليس فقط إزاء معارضته الشرسة لـ “السيستام” طيلة عقود من الزمن، وإنما أيضا من خلال مقترحاته ومبادراته السياسية لإخراج الجزائر من أزمتها السياسية وللحفاظ على وحدتها الوطنية.ناضل الدا الحسين من خلال جبهة القوى الاشتراكية من أجل إنشاء مجلس تأسيسي يعود إليه وضع دستور جديد توافقي من أجل “بناء ديمقراطية حقيقية”، ومع أن الطلب قوبل بالرفض من قبل النظام، فإن ذلك لم يضعف من عزيمة جبهة القوى الاشتراكية التي واصلت النضال من أجله منذ فتح المجال للتعددية الحزبية في التسعينات.ولم تترك الأزمة الدموية التي دخلت فيها الجزائر غداة وقف المسار الانتخابي في 1992، الأفافاس مكتوف الأيدي، بل سعى من خلال التنسيق مع صديقه المرحوم عبد الحميد مهري لوقف “تطرف” الفيس وقياداته، من خلال مشاركتهما في لقاء سانت إيجيديو في 1995 بحثا عن مخرج للأزمة من خلال “عقد روما”، غير أن هذا العقد رفضته السلطة يومها “جملة وتفصيلا”، كما جاء على لسان وزير الخارجية أحمد عطاف.ودافع آيت أحمد على الوحدة الوطنية باستماتة مشهودة، بحيث جند مناضلي الأفافاس للوقوف ضد تنظيم حركة “العروش” في الأحداث التي شهدتها منطقة القبائل، كما وقف سدا منيعا ضد حركة “ماك” الانفصالية التي يقودها المغني فرحات مهني، وأيضا ضد مناورات أخرى كانت تستهدف خلق حالة عدم الاستقرار في منطقة القبائل، وذلك من خلال توسيع قاعدة الأفافاس إلى مختلف ولايات الوطن، دحضا للذين حاولوا محاصرة الأفافاس في خندق المنطقة والجهة.ورغم المعارضة الشرسة للدا الحسين، فإنه لم يتخلف عن دعم المبادرات السياسية الجادة والمستقلة، بحيث لم يتأخر آيت أحمد عن توجيه رسالة إلى الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني عبد الحميد مهري، ثمَّن فيها مواقف هذا الأخير ومقترحاته بشأن الخروج مما يصفه “بالأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها الجزائر في السنوات الأخيرة”. وقال آيت أحمد في رسالة وجهها إلى مهري إن الأفافاس مستعد لدعم وتفعيل مبادرة مهري بكل الوسائل السياسية الممكنة، وقال “إننا مستعدون للعمل على دفع هذه الوثبة الجديدة التي نحن في حاجة ماسة إليها”، وأضاف آيت أحمد “بناء على اقتراح للخروج من الأزمة الذي قدمته أخي العزيز عبد الحميد مهري، أود أن أؤكد لك الأهمية والاهتمام الكبيرين الذين أوليتهما لمساهمتك التي تمثل في ظل الأزمة الحالية مبادرة قوية وملائمة”.ودعا آيت أحمد لاستغلال مناسبة ذكرى خمسينية عيد الاستقلال لتنفيذ إصلاحات تكون في مستوى طموحات الجزائريين الداعين إلى التغيير، وقال “أتمنى أيضا كما تفضل مهري أن تكون الذكرى الخمسون للاستقلال فرصة جديدة للشعب الجزائري كي يكون معتزا بماضيه ومطمئنا على مستقبله”، لكن تشاء الأقدار أن يرحل الدا الحسين عن عمر يناهز 89 عاما بعد مسار حافل بالمواقف، عاش خلالها معارضا شرسا ومات زعيما، وبقي السؤال المطروح من قبل آيت أحمد دون جواب “هل الشعب الجزائري معتز بماضيه ومطمئن على مستقبله؟”، في ظل غياب التداول على السلطة وجثوم الأزمة المالية والاقتصادية وتهديدات الخطر الإرهابي في دول الجوار المتربصة بالجزائر..

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: