العدوان الصهيوني على غزة يعري الهيئات الرياضية الدولية

+ -

أكد الفريق جبريل الرجوب، رئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية، في تصريح أدلى به مؤخرا لإذاعة "الجزائر الدولية"، سقوط ما يفوق الـ 200 شهيد فلسطيني ما بين رياضي ومدرب ومسير وإداري رياضي ومنتسب إلى الحركة الرياضية بصفة عامة، منذ بداية العدوان الهمجي للكيان الصهيوني على غزة، وهو رقم يعكس مدى حقيقة استهداف آل صهيون لكل ما كان يبعث الأمل في نفوس الشعب الفلسطيني قبل "طوفان الأقصى"، بعدما عرت الانتفاضة ذاتها "القوة الاستخباراتية المزيفة" للكيان المحتل التي لطالما تباهت بها قيادات آلة الدمار الإسرائيلية أمام شعوب وجيوش العالم.

ولم يستثن العدوان "الفاشي" على غزة الأبية وإلى غاية الـ 8 ديسمبر الجاري، أي واحد من مكونات الحركة الرياضية الفلسطينية، سواء أكان ذلك بمحافظات الضفة الغربية أو قطاع غزة بشماله وجنوبه، بدليل استشهاد 47 لاعباً من مختلف الفروع الرياضية، جماعية كانت أو فردية، إضافة إلى 17 فنياً وإدارياً مقابل تسجيل حالات اعتقال بالجملة، دون غض النظر عن إصابات جسدية خطيرة من التي قد تحرم غالبية الضحايا المنتسبين إلى الحركة الرياضية الفلسطينية من العودة إلى مزاولة الرياضة لاحقا "في حال ما إذا كان في العمر بقية"؛ بحكم توفر كل المؤشرات الممهدة لارتقاء شهداء جدد من الوسط الرياضي في المجتمع "الغزاوي" والفلسطيني عامة.

ويتصدر "قافلة" شهداء الرياضة الفلسطينية اسم الطفلة لاعبة رياضة "الكراتي" ياسمين شرف، صاحبة الـ 6 أعوام، التي قضت تحت ركام القصف آخذة معها حلم رفع العلم الفلسطيني في المحافل الدولية، مع أن ذات القائمة شملت أيضا لاعب نادي خدمات النصيرات طارق زياد الهور، ومصارع المنتخب الفلسطيني للجيدو عبد الحفيظ المبحوح، ونجم منتخب "الفدائي" لكرة القدم رشيد دبور المنتسب لنادي أهلي بيت حانون، مع أن البطش الصهيوني الأعمى راح أيضا ليضع حدا لحياة رياضيين آخرين في صورة الإداري في نادي خدمات خان يونس مدحت الضيف، شقيق القائد العام لكتائب عز الدين القسام، وعطا النشاش لاعب نادي خدمات البريج لكرة القدم، والمسؤول بذات النادي عارف النباهين... العائلة التي زفت شهيدا آخر منتسبا إلى نادي البريج لكرة السلة يدعى "باسم".

هذا، ولم يسلم من العدوان الصهيوني الغاشم حتى الرياضيين من فئة قصار القامة، بدليل استشهاد أحمد عوض سلمان لاعب نادي غزة لكرة القدم. فيما قدمت رياضة تنس الطاولة بدورها، الشهيدين هما محمد الدلو وعيسى العروقي، وهما على التوالي رئيس اتحاد تنس الطاولة الفلسطيني وحكم لذات الرياضة، إضافة إلى المرحوم نادر أبو يوسف المشرف الرياضي في نادي خدمات النصيرات، وعمر أبوشاويش عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الثقافة الرياضية، وعضو اللجنة الإعلامية لاتحادية رياضة "الجوجيتسو" محمد مطر.

ويسود إجماع على استحالة ضبط قائمة اسمية لقوافل الشهداء من فئة الرياضيين الفلسطينيين حاليا؛ قياسا بالضرر الذي لحق بشبكة الاتصالات جراء القصف المتواصل على غزة، وهو ما فسح المجال أمام إمكانية الوقوف عند أرقام صادمة لاحقا بعدما فاقت أعداد الشهداء عتبة الـ 18 ألف شهيد ببلوغ اليوم الـ 63 من العدوان.

 

الرياضة "تقاوم" لدعم قضية تأبى "الوأد"

 

وكانت اللجنة الأولمبية الرياضية الفلسطينية قد أعلنت بعد فترة جد وجيزة من بداية العدوان الصهيوني على قطاع غزة، تعليق كافة النشاطات الرياضية في الضفة والقطاع، وهي الفترة التي تزامنت مع قصف وحشي لمختلف المنشآت الرياضية، سواء أكانت ملاعب أو قاعات وحتى مقرات لأندية فلسطينية؛ من خلال خطوة يراد من ورائها ضرب واحدة من أنجع القنوات لتمرير رسائل النضال ومشروعية كفاح الشعب الفلسطيني عبر العالم، بعدما نجح منتخب "الفدائيين" - على سبيل المثال لا للحصر - في تسويق صورة حية ذات يوم عن شعب ينبض بالحياة أمام قرابة 80 ألف مناصر جزائري جاء ليشجع المنتخب الضيف على حساب محليي المنتخب الأولمبي الجزائري بملعب 5 جويلية، في واحدة من أجمل الصور والمواقف التي ستبقى خالدة في أذهان كل من عايشوها.

ومهما يكن، فإن الهدف الأسمى المراد بلوغه من قبل الحركة الرياضية الفلسطينية عامة؛ يبقى السهر على مواصلة بعث الرسائل إلى المجتمع الدولي والتبليغ عن جرائم صهيونية تأبى النسيان، من خلال قناة تحظى بمتابعة شعبية واسعة ونعني بها الرياضة، وهو ما سيجعل من مشاركة أي رياضي فلسطيني في "أولمبياد باريس 2024" بمثابة هدف مشروع تسعى إلى تحقيقه اللجنة الاولمبية أملا في رفع الراية الوطنية عاليا وحشد المزيد من التأييد الدولي للقضية الفلسطينية، بعد المكسب الكبير المحقق في الميدان على خلفية اكتشاف الرأي العام الدولي المتواصل لحقيقة ما يسعى الكيان المحتل إلى بلوغه من وراء مجازره منذ الفترة التي تلت تاريخ 7 أكتوبر 2023.

 

لماذا لم تتحرك الهيئات الرياضية الدولية للتنديد بتقتيل الرياضيين الفلسطينيين؟

 

تشهد المعمورة منذ بضع سنوات صراعات إقليمية ودولية متعددة، أفضت في الكثير من الأحيان إلى طفو "احتكاكات" ومناوشات مسلحة، نظير ظهور بؤر ساخنة نتج عنها حروب لا زالت متواصلة إلى يومنا هذا، وهو ما أفرز تدخلا للهيئات الرياضية الدولية التي لم تتوان في اتخاذ جملة من العقوبات في حق الدول التي تقف وراء الاعتداء على الغير، وذلك إما بحرمانها من المشاركة في المنافسات الدولية بشكل مباشر، أو السماح لرياضييها المتأهلين إلى المنافسات الدولية في الرياضات الفردية تحت ألوان "علم أولمبي" غير رايات دولهم الأصلية، على غرار ما حدث مع يوغوسلافيا خلال تسعينيات القرن الماضي، ومؤخرا مع روسيا خلال التصفيات المؤهلة إلى مونديال قطر 2022 ورياضييها المشاركين في عدد من المنافسات بعد تصنيفها كدولة تقف وراء الحرب التي تشن على أوكرانيا.

ويبقى أهم ما أثار انتباه الرأي العام الرياضي؛ هو عدم تسجيل أي تحرك جدي من مختلف الهيئات الرياضية العالمية لأجل الدعوة إلى حماية الرياضيين الفلسطينيين منذ مباشرة "آل صهيون" لعدوانهم على قطاع غزة، رغم إطلاع الجميع على أن الأمر يتعلق بعدوان مباشر على "شعب أعزل"، خلافا لما يحدث بين روسيا وأوكرانيا "أين تتوفر المعطيات الكفيلة بتصنيف ما يحدث في خانة حرب بين دولتين".

وكان منتخب "الكيان" قد حظي في مقابل ذلك ببرمجة دولية "مثالية" لمبارياته التي تدخل في إطار "أورو 2024"، على غرار ما كان عليه الحال عندما استقبل سويسرا ورومانيا بملعب "بوشكاش أكاديميا" بالمجر الذي لا يتسع سوى لـ 3865 متفرج، حتى يكون ممثل "الصهاينة" في منأى أي ضغط جماهيري. كما أن الأندية الإسرائيلية خصت بدورها ببرمجة "فوق العادة" بعد أن جاءت جل مباريات الفرق "اليهودية" المشاركة في "الأوروبا ليغ" خارج البرمجة التي خصصت لباقي أندية القارة العجوز، وهو ما فضح سياسة الكيل بمكيالين المنتهجة من قبل جل الهيئات الرياضية عندما يتعلق الأمر بتحركات "اللوبيات" القوية من وراء الستار.

وكان الاتحاد الآسيوي قد رفض، خلال منتصف أكتوبر الفارط بعد التشاور مع "فيفا"’ طلبا للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يقضي باستقبال "الفدائي" لمنافسيه في إطار التصفيات المؤهلة لمونديال 2026 وكأس آسيا في الجزائر، مبررا قراره بتواجد هذه الأخيرة خارج حدود القارة الآسيوية، بعدما استدل بأحد بنود القانون الأساسي لاتحاد القارة "الصفراء".

 

كلمات دلالية: