حبيبة.. اختطفت واغتصبت ورميت في خزان للمياه

+ -

لم يكن والدي الطفلة تركي حبيبة، ذات السبع سنوات (مولودة في 03 جويلية 1997)، يعلمان أنهما سيفقدانها للأبد عندما سمحا لها بالخروج بعد الظهيرة لشراء علبة ياغورت، حيث اختطفها وحش بشري بالقرب من البيت، واغتصبها ثم قتلها، تاركا في تاريخ العائلة جرحا لا يندمل، خاصة وأنها أصغر الأولاد في العائلة. خرجت حبيبة يوم 13 ديسمبر 2013 من البيت بحي بوبصيلة، بأولاد فايت بالعاصمة، والسعادة تجتاح كيانها بعدما منحها الأب عشرة دنانير لشراء علبة ياغورت.. مرت الدقائق فالساعات، لكن الطفلة لم تعد، ما جعل الشك يخالط الأم، ويصيبها هوس رصد الاحتمالات الكثيرة. هنا تسلل الخوف إلى قلبها، وعصفت بذهنها التساؤلات: ما بها لم تعد وما مصيرها.. عسى أن يكون قد حصل لها مكروه.. ربما ذهبت عند صديقتها أو أحد الأقارب.. وهو ما دفع الأم إلى تحويل مخاوفها إلى أفعال، وبدأت بالاتصال والبحث في محيط البيت.وبعدما استنفدت الأم كل الطرق والاتصالات، هرعت إلى مقر الشرطة في حدود الساعة الثامنة، وهي في حالة هستيريا، لإعلان اختفاء ابنتها وإطلاق عملية البحث، غير أن جواب الشرطة كان صادما، عندما قالوا لها إنهم لن يباشروا أي إجراء طالما لم يمر على اختفاء حبيبة 24 ساعة، مبررين ذاك بالقانون. ما زاد من روعها وارتطمت بواقع بائس أفقدها عقلها.مسرح الجريمة ليس ببعيدبدأت رحلة البحث في كل مكان، واستمرت ليلة كاملة، لكن دون جدوى، في حين إن حبيبة لم تكن تبعد إلا بضعة أمتار عن البيت. وفي صباح الغد جاء أبناء الحي إلى بيت العائلة حاملين سروالها وساعتها اليدوية وحذاءها، قائلين للأم إنهم عثروا على الأغراض بفيلا مهجورة بالحي، كما وجدوا جثة الطفلة ملقاة داخل خزان للمياه عمقه 2,50 متر، مكتوفة الأيدي وملفوفة الرأس، وماسكة بـ10 دنانير. ما يدل على أن الجاني اختطفها بمجرد خروجها من البيت، مستغلا علاقة القرابة، ليشبع شهوته الحيوانية، ويسلب منها حياتها بخنقها ورميها في الخزان، حسب تقرير خبرة الطبيب الشرعي.لم تجد العائلة سببا مقنعا في تفسير ملابسات المأساة، واستغربوا استهداف ابنتهم بالذات، متسائلين عن السبب الذي دفع الجاني لارتكاب جريمة بشعة في حق ابنتهم البريئة، خاصة وأنهم ليسوا أثرياء حتى يكونوا محط أنظار المبتزين والمجرمين، الذين غالبا ما يستهدفون أبناء الأغنياء لتحقيق مآربهم المادية، وعندما يفشلون في ذلك يقومون بالانتقام من ضحاياهم.الأم تروي قصتها ”الخبر” زارت، آنذاك، عائلة حبيبة للوقوف على المأساة التي طالت طفلة بريئة لا ذنب لها، والتقت أم حبيبة وهي في حالة شرود، وبصعوبة اخترقت حزنها، وأول ما أبدته غضبها الشديد تجاه مركز شرطة أولاد فايت عندما تخلى عن دوره إزاء ابنتها، قائلة: ”لم يقوموا بمساعدتنا، كان بإمكانهم إنقاذها لأنها كانت محتجزة في الحي”، ما يعني أنه لو باشر أفراد الشرطة البحث حينها لتمّ منع الجاني من قتلها.وتابعت الأم والدموع تنهمر من عينيها: ”ابنتي لم تخرج خائفة من المنزل؛ هي متعودة على الشراء بمفردها من المتجر القريب لبيتنا، ولم نكن نتوقع عدم عودتها. لكن بعد برهة راودتني الشكوك، وفي حدود الخامسة بدأنا رحلة البحث عن حبيبة، ليكون خبر اختفائها صادما”، تفيض عيناها بالدمع وتواصل قصتها: ”لم أكن أدري أن فقدان المرء لفلذة كبده يجعله حزينا طوال ما تبقى من حياته”.تغرق الأم في شرود عميق، قبل أن تواصل: ”كل الأهل والناس لم يتقبلوا هذه الجريمة، ولم يجدوا لها مبررا، وصدموا لما آل إليه المجتمع عندما أصبح الصغار هدف المجرمين”، مردفة: ”رغم أننا تقبلنا قضاء اللّه وقدره، إلا أننا لم نتقبل بشاعة الجريمة، فابنتي كانت تحتل المرتبة الأولى في المدرسة، وهي خجولة وهادئة وتعشق الدمى، إذ أهدت يوم اختطافها دمية لمعلمتها التي بكت وفجعت أكثر حين علمت بالأمر”.أما عم الضحية، فكان الغضب باديا على محياه، وهو يلوم الشرطة قائلا: ”لو قامت الشرطة بدورها لما قتلت الصغيرة، بل إن الشرطة امتنعت حتى عن تزويدنا بوسائل البحث كالأضواء الكاشفة، لأن الحي كان يغرق في ظلام دامس”.الجاني لا يخرج عن دائرة الأقارب فتحت الشرطة القضائية لولاية الجزائر وأمن دائرة الشراڤة التحقيق، مستعملين كل الأدوات العلمية والتقنية، لكشف الجاني الذي تجرد من آدميته وأطفأ حياة برعمة تنبض بالأمل، كاتبا في سجل العائلة اسم ابنتهم بأحرف من دم، وزرع الرعب في نفوس السكان بفعلته الشنيعة.كل الدلائل التي رصدها المحققون تدعم فرضية أن القاتل من محيط الضحية، خاصة في غياب أي دليل أو شهادة تثبت أنها اختطفت عنوة، بل تدل على أن الاختطاف كان باستدراج مبني على الثقة، ما جعل الشرطة تبحث في سجل العائلة ومقربيها، حينها وجدوا أن ابن عم الضحية مسبوق في قضية انتهاك عرض قاصر تبلغ من العمر 15 سنة، ما استلزم إخضاعه للاستجواب ومواجهته بالأدلة الملتقطة من مسرح الوقائع، والتي تطابقت مع فعلته، وكشفت نزعته الإجرامية الخطيرة، لينتهي به الأمر وراء القضبان.  

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: