"أنا سورية وفقط لا معارضة ولا موالاة"

+ -

عبّرت ابنة اللاذقية، الفنانة والمخرجة سلاف فواخرجي، خلال لقائها الأول بالجمهور الجزائري والعنابي على وجه الخصوص، من مسرح عز الدين مجوبي، سهرة أول أمس، قبل عرض الفيلم الذي قامت بإخراجه في تجربة هي الأولى من نوعها في مسارها الفني، الذي يحمل عنوان ”رسائل الكرز”، عن شكرها وامتنانها للشعب الجزائري قائلة: ”من كل ياسمين الشام شكرا للشعب الجزائري، وهو أمر ليس بغريب عنه وعن أخلاقه ونضاله، وإن شاء الله تصلكم الرسائل من إنسان لأرض ولجغرافيا وتاريخ، وهي خلاصة روح سورية متعطشة للسلم والحب، وأكرر وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر”.أنتظر حضورا قويا لسوريا في الجزائر مع وجود معتبر لجاليتنا   فلسطين خط أحمر بالنسبة للجزائريينتحدثت سلاف فواخرجي بقلب مفتوح عن رفضها نيابة عن الشعب السوري ”الموت” في الحياة العادية، ومن وراء الكاميرات التي لم تتوقف منذ خمس سنوات من عمر الحرب، ودافعت عن نفسها كـ«سورية وفقط”، بعيدا عن أردية المعارضة والموالاة، وعن فلسطين التي تتوسط جغرافية قلب الوطن العربي، التي تعد ”خطا أحمر” للشعب الجزائري ورمزية كرته الرياضية، وقالت إن السوريين لم يهاجروا بقرار سياسي، بل بضغط من بلدان.”رسائل الكرز” وحلم العودة إلى حدود 1967تحدثت المخرجة فواخرجي خلال ندوة صحفية نشطتها بعد عرض فيلم ”رسائل الكرز”، عن قصته التي تحمل قضية ”الجولان” والعودة إلى حدود سنة 1967، وعن القضية الفلسطينية منذ العام 1948، وهي تواريخ تؤسس لمسارات جديدة غيرت خارطة الوطن العربي، ودكت أعمدة نزاع يتواصل لليوم مع عدو ”مشترك” لم تفصح عنه المخرجة صراحة، ولكنها ضمنت فيلمها، وفقا لما ذكرت، إيحاءات وكلمات تدل على أنه ”الشرير” الذي تسعى العلاقة العاطفية التي يدور حولها الفيلم لتعبر برمزية عن تعلق الإنسان بالأرض، وبالمنزل المسلوب هناك، وبالهضبة التي أحاطت بها الأسلاك الشائكة، ومساعي الأحبة إلى تمزيقها توقا للعودة إلى جغرافية مغتصبة، وعن التهجير القهري الذي قالت عنه في أحد المقاطع بالفيلم ”نحن ما كنا عم ننزح، نحن كنا عم ننزف”، كما لو أن رحلة النزوح التي بدأت في الستينات، كتب لها أن تصبح دائمة لليوم والتي كانت سببا في تهجير ملايين السوريين.لذلك، فإن القصة تعبر عن اغتصاب هضبة ”الجولان”، بما تتوفر عليها من خيرات وطبيعة وثقافة، تظهر في الفلكلور الذي يخاطب الوجدان، وهو عنصر حاضر بقوة في العمل، وقالت لأننا شعوب ”سمعية” فالموسيقى كانت وسيلة وهي بطلة في الفيلم وليست مجرد أداة مساعدة.نمارس أعمالنا تحت القصف ولا نضمن العودة إلى منازلناقدمت فواخرجي صورة عن يوميات السوريين، وقالت ”رغم ظروف الحرب، إلا أننا نعيش ونمارس أعمالنا بشكل طبيعي، وعندما نخرج لا نعلم إن كنا سنعود إلى المنزل أم لا”. وأضافت ”لن نموت أكثر من موتة الأجساد، ومع القصف ننجز عملنا، صورنا في عدة مناطق بسوريا، في القنطرة، تعرضنا لخطر كبير. أما بخصوص عدم ذكري للمحتل بشكل مباشر، فلأننا نعرفه، وكنت أستطيع القول إنه ”جرثومة” وثمة إشارات مثل التي وردت على لسان الطفل بقوله ”سأذهب لأقتل الأشرار”، وهو نفس العدو الذي صب غضبه عليه الشيخ عبد الله”. وأوضحت أن سبب اختيار الفيلم هو لكون ”الجولان” قطعة من القلب، ولأن سوريا وفلسطين وكل الوطن العربي يعرف استمرار النزيف، للأسف أصبحنا مشروع أفلام كثيرة، وهي تجربة قاسية عايشها الشعب الجزائري”.السوريون لم يهاجروا بقرار سياسي وهناك بلدان هجرتهمفي إجابتها عن سؤال ”الخبر” حول دور الفنانين السوريين في الضغط على الحكومة للحد من تهجير الشعب السوري، قالت إن دولا، دون أن تذكر اسما محددا، هي التي كانت السبب في النزوح والتهجير، والسوريون لم يهاجروا بقرار سياسي، بل يمكن توجيه السؤال للدول التي دفعتهم إلى ذلك، وكانت سببا في ضياع كل شيء بالنسبة لنا. وأضافت في سياق حديثها عن تموقعها في ساحة الصراع السوري، إن كانت مع المعارضة أو الموالاة، قالت: ”أنا مواطنة سورية، ونحن لا نصنف كمعارضة أو موالاة، فقط سوريون”. وفي تعقيها على سؤال آخر طرح في السياق نفسه، أشارت إلى مقطع ورد في الفيلم يعبر عن التعامل اللبق للعائلة مع جندي سوري في حاجز أمني، وقالت إن ذلك من باب احترام الجندي وهو ابن البلد.فيلم ”مدد” حديث عن الإسلام الجميل الذي شوّهوهأما عن آخر عمل يجري التحضير له، وهو فيلم ”مدد”، فقالت إنه ”يؤرخ لزمن الحرب وهو رسالة موجهة لمن انتقدوا فيلم رسائل الكرز” دون أن يروه، كما ذكرت. وقالت: ”تحدثت عن الجولان وسأتحدث عن البلد، لدي طموح كبير وكثير من الرسائل لأبثها فالفن لا ينفد، فهناك قصص كثيرة وهي خيارات فنية وحالات حسية، حيث لا يمكنني أن أمتهن الإخراج دون أن أحس بعملي”. وعن العنوان ”مدد” فهو ”الإسلام الجميل الذي شوهوه، هو مدد للأخلاق والحب، وإن كنا نتحدث عن الطابوهات التي حصرناها في الجنس والسياسة، فالشيء المحرم أيضا في سوريا هو (الوطن)”، وأضافت أن ”فكرته ليست تجارية، بل لتحقيق معادلة فيلم نخبوي وجماهيري، وهذا ما أحسه سيجتمع فيه”.أنتظر أكثر من الجزائر ومشروع مهرجان دمشق فكرةبخصوص مشروع نقل مهرجان دمشق إلى قسنطينة، قالت إنه كان مطلبا، وشكرت القائمين على قطاع الثقافة بالجزائر للتفكير بنقله بعد توقفه منذ بداية الحرب في سوريا خلال خمس سنوات ”وأتوقع قريبا أن تنظم ليلة دمشقية في قسنطينة، وأنا أنتظر أكثر من ذلك، أن يكون حضور قوي لسوريا، وهذا لما لاحظته من وجود معتبر للسوريين في الجزائر”. كما كشفت عن عمل مشترك بين الطرفين، وتوقيع عمل ثنائي جزائري - سوري، وعن وجود أكثر من مشروع، وقالت ”إقامتي بالجزائر سمحت بذلك، وهناك مشاريع أخرى يتحدث عنها القائمون عن قطاع الثقافة في الجزائر، ولا يمكن الكشف عنها حاليا حتى يكون ذلك رسميا”.سوريا لن تنكسر  دافعت الفنانة السورية عن بلدها كثيرا، ورفضت أي شيء يحط من قيمته، وقالت ”إننا نعيش تحت القصف حقيقة، ولكننا بقينا فيه ونمارس عملنا وحياتنا، وهو بلد عمره عشرة آلاف سنة، ولا توجد قوة ستكسر الوطن. نحن ندعو له ونبدع ونعمل ونرفض الموت من أجله”. وتأسفت الفنانة سلاف فواخرجي للتاريخ الدموي للعرب، وقالت إن غياب الوطن يعني غياب الكرامة، ولذلك يتم الجمع في عملي بين حب سوريا وفلسطين معا، التي تظهر في (الكوفية) والأرض والشعر ”وأنا عرفت قيمة فلسطين لدى الشعب الجزائري، وهي خط أحمر، وتظهر حتى في الرياضة برفع العلم الفلسطيني”.نبوءة ”باب الحارة” تجسدتعلقت السيدة فواخرجي على سؤال لنا بكون المسلسل الشهير ”باب الحارة” جسد نوعا من النبوءة عن حرب سورية قادمة، فقالت: ”حقيقة نعم، نحس بذلك في أعمالنا ونتنبأ بما سيحصل، فالسوريون لديهم حدس ويقرأون القادم”، واعتبرت أنه لن يكون الفيلم السوري الأخير ”المتميز”. وعن إسناد دور لابنها في فيلم ”رسائل الكرز” التي كتبت بخلاصة حب الكرز (حب الملوك كما يعرف محليا)، وهي عصارة حياة شعب ناضل طويلا، قالت ”أنا لا أتحكم فيه ولا أريد أن أوجهه للفن، فقط وجدت فيه موهبة حتى إذا كبر يكون القرار له وحده”. وعدّت زوجها الفنان وائل رمضان مستشارها الدائم، وقالت: ”آثر الابتعاد عند إنجازي فيلم ”رسائل الكرز” حتى لا يقال إنه هو من أعده”.     

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات